الإستشراف في ديوان " لماذا تركت الحصان وحيدا ً " لمحمود درويش
الملخص
الإستشراف في الشعر هو تجاوز الشاعر ذاته الى إنجازات الشعر الكوني ، فهو بمثابة كشف للمتواري واختراق لما يراه الشاعر أمامه . وليس الإستشراف بالمكوّن الجديد في الشعر ، ففي الشعر القديم شعراء كالمتنبي والمعري وغيرهم ، كانت لهم تجارب نافذة باتجاه المستقبل ورؤية خاصة له ، وتأويلات متنوّعة من خلال قراءتهم معطيات الواقع بأدوات ترتكز الى نضج الوعي وحسن الأدراك وسعة في التفكير، إلّا أنها تبقى إجتهادات وافتراضات أكثر من كونها كشفا جديدا أو استشرافا بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة . ثم برز لنا شعراء آخرون من شعرائنا في العصر الحديث ، كأمل دنقل والسياب وأدونيس وغيرهم ، ممّن تحوّلت قصائدهم الى اكتشاف جديد في ثنايا المستقبل ، ومعهم محمود درويش الشاعر الأكثر استشرافا في شعره من غيره ، لا سيما في ديوانه ( لماذا تركت الحصان وحيدا ) الذي عمل فيه الى إدخال رؤاه الشعرية بطموحها الكوني الى نصوص هذا الديوان ، فكانت لغته بكلّ ما يحمله هذا الشاعر من ثقافة وحدس إنساني كبير ، لغة تستكشف حضورها في تلك الرؤيا الغزيرة في شعره ، لغة اتخذت ببلاغتها وتشبيهاتها ورموزها منهجا استقرائيا يستدلّ من خلال دلالاتها على نتائجها ، لتضع – تلك اللغة – مادتها في خدمة استشراف المستقبل ورؤية الحدث .