العصر الفضي والاتجاهات الجديدة التي ظهرت في بداية القرن
DOI:
https://doi.org/10.36586/الملخص
أطلق على نهاية القرن التاسع عشر – بداية القرن العشرين في الأدب الروسي بالعصر الفضي. فقد ظهرت في ذلك الوقت مجموعة كبيرة من الكتاب والشعراء المعروفين، والذين بقيت أسمائهم ساطعة في الأدب الروسي والعالمي. وهؤلاء هم اخماتوفا، غوميليوف، بلوك، ماياكوفسكي وآخرون. وكل هؤلاء ظهرت نتاجا تهم في وقت عصيب من تاريخ روسيا. بدأ العصر الفضي مع حلول عام 1892 وينتهي مع ثورة أكتوبر والحرب العالمية الأولى. وفي هذا الوقت بالذات بدأ في روسيا التوتر الاجتماعي والسياسي، الذي ظهر نتيجة سيطرة الإقطاع لفترة طويلة وعدم إمكانية الطبقة النبيلة من إجراء الإصلاحات اللازمة و بطأ النظام الملكي الحاكم، الذي لا يرغب بالتنازل عن عرشه. كل ذلك ولد لدى الشباب المتطلع والذي ينتمي إليه شعراء وكتاب العصر الفضي الشعور بقرب حلول الأزمة. ظهر بداخلهم الإحساس بأن العالم ينقلب رأسا على عقب ومن جراء ذلك تولد لديهم الطموح لمعرفة أسباب ذلك التنافر وإيجاد طرق شفاء روسيا.
وجد هذا الطموح انعكاساً له في الأدب الروسي مولداً نزعة جديدة – الحداثة. هذه النزعة الجديدة هي بدورها تنقسم إلى ثلاث اتجاهات: الرمزية، "القمية" أوالذروة والمستقبلية. الشعراء الرمزيون – بروسوف، ميريشكوفسكي، كيبيوس، بدايات بلوك، بالمونت – عكسوا في الشعر أفكارهم، ووجهات النظر الخاصة بهم بمساعدة الصور الضبابية أو الغامضة والإشارات غير المكتملة.القميون – غوميليوف، أخماتوفا، ماندلشتام، غوروديتسكي – عبروا عن أحاسيسهم في الأشعار واصفين عالم الأشياء والمشاعر بشكل شاعري.
المستقبليون – رفضوا الماضي بشكل مطلق باسم بناء المستقبل. ينتمي إلى هذه النزعة ماياكوفسكي، خليبنيكوف، سيفيريانين وكامنسكي. الشعراء المحدثون المنتمون لكل هذه النزعات حاولوا استحداث شعر يهدف إلى التأثير على تطور الروح الإنسانية.
أهم هذه النزعات في شعر العصر الفضي – الرمزية، التي ظهرت كانتفاضة ضد فقر الشعر الروسي وكطموح لقول كل ما هو جديد من خلال الشعر وكذلك لاستعادة قوة الحياة له. كان للفيلسوف سولوفيوف التأثير الكبير على الرمزيين فقد ادخل فكرة الخلود والجمال الإلهي إلى الشعر الروسي ورأى أن إنقاذ العالم يأتي من خلال الاندماج مع الإله. وكانت هذه الأفكار قريبة جداً من (الرمزيين الكبار) "ميريشكوفسكي، بروسوف و كيبيوس" الذين حاولوا من خلال مؤلفاتهم أن يوقضوا على الأرض الأصل الإلهي. والوسيلة الوحيدة للوصول إلى هذا الهدف هو رفض تناول المشاكل الاجتماعية في الشعر وتفضيل الأحاسيس الخاصة والذاتية بالدرجة الأولى. وبذلك الشاعر يدرك معنى العالم المحيط به ليس من خلال التفكير وإنما نتيجة عملية الإبداع التي تأتي عن طريق الإلهام.
انفصل بعد ذلك بفترة قصيرة مجموعة من الشعراء تحت اسم "الرمزيين الصغار"، ويمثل هذه النزعة كلاً من سولوغوب، أندري بيلي و بدايات بلوك. ويعتبر اندري بيلي الأهم من بينهم حيث يتطابق استخدامه للرمزية في الشعر مع استخدامات "الرمزيين الكبار". يعتقد اندري بيلي أن الرمزية – واحد من أهم الاكتشافات في الأدب. فمن خلالها يستطيع الشاعر أن يبين مضمون كل الظواهر وكشف جوهرها الحقيقي.
خلافاً للرمزيين ولدت نزعة أدبية جديدة في العصر الفضي - الذروة . شعراء هذه النزعة هم – غوميليوف، أخماتوفا و ماندلشتام – رفضوا الانضمام للرمزيين والاستسلام للتركيز المفرط وغير المفهوم للفنان على عالمه الداخلي. جاء القميون بفكرة عرض الحياة الواقعية واهتمام الشاعر فقط بالأشياء التي يمكن إدراكها. ولإظهار العالم الحقيقي. ففي مؤلفات غوميلوف نجد تصوير للعالم المحيط بكل جماليته . نجد في أشعاره تصوير غريب للمشاهد والطبيعة المأخوذة من شمال أفريقيا والحبشة. اندمج الشاعر بعمق مع عالم الأساطير في روما ومصر.
ظهرت في الوقت نفسه نزعة أخرى هي – المستقبلية. وممثليها ماياكوفسكي، خليبنيكوف وغورو – حيث قاموا بفضح الواقع الروسي: كان هدفهم التخلي عن كل الكلاسيكيين الروس المشهورين والمضي مع سفينة المستقبل والدفاع عن الجمال "أرقى وأغلى كلمة" بالنسبة لهم. رفض المستقبليون كل الثقافة القديمة رفضوا حتى القافية والأوزان الشعرية وحتى القواعد اللغوية. تأليف الكلمات وإخضاع الأصوات كان هدفهم الأساسي، وأحيانا حتى الإضرار بالمعنى الأساسي للكلمة. انعكس في مؤلفات المستقبليين ليس فقط الطموح نحو خلق فن جديد وإنما الإحساس بمأساة الحياة العصرية. ففي قصيدة ماياكوفسكي "غيمة في سروال" تظهر صورة مدينة كبيرة حيث تسيطر فيها الأشياء على الإنسان وتظهر نية لتغيير الحياة.