المفكر غريبا: دراسة في رواية هنري جيمس القصيرة الوحش في الغابة و قصة جيمس جويس القصيرة "قضية محزنة"
الملخص
نتيجة للتقدم الصناعي والتقني الذي تحقق في المجتمعات الصناعية الغربية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، اصبحت العلاقات الاجتماعية معقدة جدا بحيث اخذ كثير من الافراد يعانون من عدم القدرة على الاندماج في المجتمع او التفاعل مع الاخرين. وياتي في مقدمة هؤلاء المفكرون الذين يشعرون بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية الصعبة اكثر من غيرهم. لذا فان معاناتهم تكون اكثر حدة من الاخرين. وكثيرا ما تكون عزلتهم مبنية على موقف فكري ينم عن أمراض نفسية تكمن عميقا في اللاشعور.
يدرس هذا البحث مشكلة الوحدة النفسية التي يعاني منها امثال هؤلاء المفكرين من خلال دراسة عملين ادبيين لكاتبين مهمين من ادباء الانكليزية. وهما الرواية القصيرة للكاتب الامريكي/ الانكليزي هنري جيمس الوحش في الغابة (1903) والقصة القصيرة للكاتب الايرلندي جيمس جويس "قضية مؤلمة" (1905) اذ يقدم لنا الروائيان شخصيتين تتمتعان بالثقافة والفكر تعانيان من عدم القدرة على التفاعل مع المجتمع والتواصل مع الاخرين. لذا فهما ينسحبان من الحياة الاجتماعية ويعيشان على هامش المجتمع من دون ان تكون لهما صلة جدية بالاخرين. كما ان الاثنين يحملان كراهية عميقة للعلاقات الاجتماعية او خوف شديد منها، لذا فانهما يعيشان بعيدا عن المجتمع في وحدة نفسية وفكرية تجعلهما يترفعان على واقعهما الاجتماعي وينفران منه. وتسنح لكل منهما فرصة جيدة للعودة للمجتمع والتواصل مع الاخرين من خلال ظهور امراة في حياة كل منهما تقدم المحبة والاحترام لهما، الا انهما لا يغتنمان الفرصة، لذا يظلان على وحدتهما النفسية وشللهما الروحي. اذ يهملان هذه المراة ويتركانها لتموت نتيجة لاهمالهما وقسوتهما. وينبع موقفهما السلبي من المراة من كونهما مفكرين لا يؤمنان بالعواطف والمشاعر على اعتبار انها تنم عن الضعف. ولا تكتشف هاتان الشخصيتان حقيقة شخصيتهما وحقيقة مواقفهما الا في النهاية حينما يفقدان المراة فيعرفان عندها حقيقة اهميتها في حياتهما كما يعرفان الخواء النفسي والروحي الذي كانا يعيشان فيه. الا ان الفهم للذات لن يكون له قيمة حقيقية اذ انه ياتي متاخرا جدا بحيث لا يمكن لهما التخلص من الوحدة والانزواء الذي كان قد تمكن من الغور عميقا في نفسيهما بلا خلاص.
ويناقش البحث موقف الروائيين من مشكلة الاغتراب عن المجتمع ويقارن بين أفكارهما بهذا الخصوص ، من خلال تحليل العملين أعلاه.