آلام الطفولة في رواية السيرة الذاتية ( قصة عن الحب والظلام ) لعاموس عوز
الكلمات المفتاحية:
לדות; רומןالملخص
تـــُعد الطفولة المرحلة المهمة من تاريخ الانسان ، وأكثرها تأثيراً في تكوين شخصيتـه، لأن فيها تتشكَّل معالم الشخصيـة الإنسانيـة الأساسية، وتتبلور معالمها وملامحها، وترتسم فيها الخطـوط العريضـة لما سيكون عليه الانسان فـي المستقبل. حيث تبقى اثارها خالدة في اعماقه ، وذكرياتها الجميلة والحزينة على حد سواء ، في هذا البحث تطرقنا الى طفولة الكاتب عاموس عوز باعتبرها المفتاح إلى شخصيته ، وإلى أدبه،وكذلك الى الالام التي مرت عليه في طفولته ، والتي تعكس عمق معاناته وفرط حساسيته تجاه مرحلة قاسية من عمره رافقته آثارها حتى الكبر. لقد كانت بواكير نتاجاته تتضمن جزءا كبيرا من صور طفولته في القدس، حيث اليتم والحرمان العاطفي ثم الافتراق عن الأهل، والحقيقة أن نتاجاته الأولى كانت عاطفية ذاتية مباشرة، إذ كانت كل صورها في محيط حياة القاص ومعاناته الشخصية ، وتميزت دلالة الطفولة في رواية " قصة عن الحب والظلام " بالسلبية المفرطة والتي سادت في تلك الصور التي أظهر فيها الطفل والطفولة مسحوقا مضطهدا محروما ...الخ.
الطفولة هي الحواس الجديدة التي تلامس الواقع للتو فترى مالا تراه حواسنا الشائخة وذاكرتنا البالية. أن تكون طفلا لا يعني أن ترى الأشياء للوهلة الأولى، أن تتحدث وتسمع وتلامس للوهلة الأولى، فتشعر ليس فقط بما لا يشعر به غيرك، بل وبما لم تشعر به أنت من قبل، وذلك تمامًا هو عمل الإبداع الفني.لم تكن الطفولة، كوظيفة مرادفة للفعل الفني بمستوياته وأجناسه المختلفة، قيمة بارزة في الفلسفة الفنية والفكر النظري، فحسب، بل بدت من غير طريق، وبأكثر من فرضية، علة تفسيرية وأفق فهم نظري يطال الدوافع الإبداعية من جهة المؤلف الفني والكوامن الخفية للذة التلقي ومدارها الاختياري الذي هو بالضرورة حالة ديموقراطية محكها فردي، ومعيارها الصدق مع الذات في أقصى مدى للانعتاق من أسر التوجيه والإكراه والرقابة.
لا يمكن النظر إلى دال الطفل والصور التي يبنيها في الادب العبري، من خلال منظور أحادي، تغدو فيه الدلالة معطى جاهزًا ومباشرًا. ذلك أن تركيب الصورة سياقاتها متنوعة، ومختلفة، بحيث يغدو الطفل حينًا دال المستقبل،وحينًا دال الماضي، كما يغدو حينًا دال الحياة والحركة والتقدم والنمو، وحينًا دال الموت والتخلف والجمود، مثلا. فضلا عن علاقة هذا وذاك بمستويات الوعي الجمعي، التي تبلغ في أحيان حدود الإيديلوجيا بمحدداتها الموجهة وحساباتها الإرادية المباشرة، وتأخذ في أحيان دورًا كاشفًا عن أعماق قصية لاسبيل إلى الاقتصار على سطحها الدلالي، أو اختزال عمقها إلى خيار بديل عن الطفل.
تنبني حاجة الطفل إلى الرعاية والحماية والتوجيه والإعالة صورة مكرورة في الادب العبري، مستمدة دومًا من علاقة ضدية بالرجل، الراشد، المكلف... وهنا يأخذ الطفل دورا سالبًا، فهو الضعيف في مقابل القوي، والجاهل، النزق، الطائش، في مقابل الحكيم العاقل الرشيد، وهو حاجة مستمرة جسدية ونفسية وتربوية ترادف العوز والخوف والسفه. وهنا ياخذنا الكاتب عاموس عوز في رحلة ذكريات الطفولة التي اطلق لها العنان من خلال روايته ( قصة عن الحب والظلام ) وعلاقته بوالديه وذكرياته الاليمة منها والسعيدة ، فموت الام كان بمثابة الفاجعة الاكثر تاثيرا في حياة القاص ، وكان زواج ابيه من امراءة اخرى يعد كالقشة التي قصمت ظهر البعير ، الأمر الذي دفعه لا لتك العائلة الجديدة ، انما لتغيير اسمه واسم عائلته ، فاصبح ( عاموز عوز) بدلا من ( عاموس كلاوزنر) .
إن عاموس الجديد في هذه الرواية قد فتح ابواب الذكريات ، وطرق على باب الاحزان ، ليفتح الجروح الغير ملتئمة ويضعها على الورق ليقدمها إلى القارئ على هيئة رواية سيرة ذاتية شبه عائلية ، مزج فيها بين الالام والافراح والتاريخ .