أهوار جنوب العراق وتأثرها بالألفاظ الفارسية
الكلمات المفتاحية:
لهجه ، اهوار ، جنوب عراق ، واژه فارسی ، عراق وایرانالملخص
جرى تبادل التأثير بين اللغتين العربيّة والفارسيّة منذ العصور الغابرة، ومازال سارياً حتى عصرنا الحاضر تحت تأثير مجموعة من القوانين اللغويّة العامة والخاصة التي تترك وسمها على اللغات البشريّة، كلّ اللغات، خاصة اللغات الحيّة، كالعربيّة والفارسيّة. وقد شهدت العلاقات اللغوية تبادل التأثير بين اللغتين المعنيتين بمراحل عدّة، وحالات مختلفة من التطور والتكامل؛ نتج عن ذلك تراث إنساني خصب وزاخر بالحيويّة والعطاء، بعد أن سرى التأثير في مختلف مناحي اللغتين: ألفاظاً، وجملاً، وخيالاً وتعبيراً ، ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا أنّ مبدأ الاقتراض اللغوي في العلاقات اللغوية، وظاهرتيّ التأثير والتأثر في لغات البشر لا غنىً عنهما بأيّةٍ حال من الأحوال إذا أرادت الشعوب أن تتعارف وتتآلف، وتتعاون فيما بينها ، كما قال تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿﴿ يا أ أيها النّاس إنّا خلقناكُم من ذَكَرٍ وأنثى وجعلناكُم شُعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنّ أكرمكم عندَ اللّه ِ أتقاكُم ﴾﴾ ( سورة الحجرات – اية 13 ) بل لا مهرب منهما لحاجة بني البشر إلى بعضهم، وعدم غنى الإنسان عن أخيه الإنسان مهما ارتقى وتطور ، فاللغة تعدُّ ظاهرةً حية وکيانا اجتماعيا فإنها في طريق نموها بعد احتکاکها باللغات القريبة منها على وجه الخصوص ،تخضع دائما لأسباب سياسية، واجتماعية، ودينية، وثقافية وتتراوح بين التأثير والتأثر بالنسبة إلى مکانتها ؛ و نتيجةً لهذا الاحتکاک تنتقل بعض العناصر من لغة إلى أخرى ، و هذا الانتقال يؤدي إلى تکامل اللغة المأخوذة عنها.و إن هذا الأمر لم ينحصر في لغة معينة أو حٍقبةِ بعينها، بل شاع هذا التبادل اللغوي سيما بين المفردات في کل اللغات الحية منذ أقدم العصور ويسمى في علم اللغة بظاهرة «الأخذ اللغوي» أو «القرض اللغوي» ، ولم تنقطع العلاقات العربیة الفارسیة منذ القدم ، إذ أسهم الكثيرُ من العوامل فی التاثیر المتبادل بین هاتین الحضارتین ،فهناک تاثیراتٌ لغویةٌ ، وثقافیة ، واجتماعیة و دینیة ...الخ وبسبب الموقع الجغرافی لهذه الحضاره ،و مجاورتها للبلدان العربیة ، ووقوع العراق بالقرب منها جعل العراق ینال الجزء الاکبر من مسیيرةِ التاثیر والتاثر هذه ، إذ یمتلك العراق حدوداً بریةً طويلة فضلا عن وجود الكثير من
المشترکات ،والعلاقات السیاسیة، والاقتصادیة ، والثقافیة، والدينية بین الشعبین العراقي والایراني یعرفها القاصي والداني بكونها دلیلاً علی طرحنا في الأعلى. هذه العواملُ کان لها الاثرُ الکبیرُ فی نفوذ الكثيرِ من الألفاظ الفارسیة إلی اللهجة العراقیة خصوصا فی المناطق الوسطی ،والجنوبیة ،ومناطق العتبات المقدسة بسبب الاختلاط المتزاید بین أبناء القومیتین .
سنتطرق فی هذا البحث إلی طرح عددٍ من الألفاظ الفارسیة الرائجةِ فی اللهجة العراقیة ، في لهجة أهوار جنوب العراق على وجه الخصوص، سواء أکانت ألفاظاً أصیلةً دخلت إليها على نحوٍ مباشر من غيرِما تعریبٍ، أو المعرّبة منها التی على الرغم من وجود معرب لها ماتزالُ اللفظةُ الفارسیة تستعمل بدلا منها ،إذ أصبحت هذه الالفاظ جزءاً لایتجزّأ من اللهجة العراقیة، وفی غیاب المعادلِ لها وإيضاحه تبقی لفظةً رئیسةً بالنسبةِ للأشخاص غیر المتعلمین، وهذا ما نرمي إلیه فی بحثنا هذا .
وفي الختام أتمنى ان يكون هذا الجهد اليسير ذا قيمة وفائدة لكل الدارسين في الدراسات اللغوية المقارنة بين اللغات عامة ، واللغة العربية والفارسية خاصة ، بالذات دراسة اللهجات الموجودة في البلدين العراق وايران .